المحرر موضوع: هل الخُطّاب الغير مناسبين دليل على غضب المولى عليّ؟  (زيارة 391 مرات)

مستشار

  • Sr. Member
  • ****
  • مشاركة: 375
    • مشاهدة الملف الشخصي
فتاة تسأل: شيء تكرر معي ويحيرني؛ كلما دعوت الله اني أتزوج يأتيني خطاب ولكنهم غير مناسبين؛ وكلما دعوت بالزوج الصالح لا يأتي أحد. هل معنى هذا أني لست صالحة وأن الله غضبان عليّ؟

الـجـــواب

لا يلزم أن يكون ذلك دليل على غضب المولى -سبحانه وتعالى-، والزواج رزق وقدر من الله -تعالى-، فننصحك بالدعاء بأن يرزقك الله الزوج الصالح الذي يعينك على طاعة الله ورسوله، ويرضيك به، وعليك بحسن الظن بالله -تعالى-، والرضا بما قسمه الله لك، وعليك أن تعلمي أن الدعاء يستجاب، ولكن على أحوال بينها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد ورد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ". قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: "اللَّهُ أَكْثَرُ")) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ.

وليكن التماس الدعاء في الأوقات التي يرجى فيها قبول الدعاء، فعلى العبد الدعاء ومن الله الاستجابة، والدعاء عبادة في حد ذاته، بل هو العبادة كما جاء في الحديث الشريف: فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ ثُمَّ قَرَأَ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ})) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((يَقُولُ اللَّهُ -تَعَالَى-: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي)).

وروى الترمذي في سننه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ)).

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ، وَبَعْضُهَا أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَاسْأَلُوهُ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ لِعَبْدٍ دَعَاهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ غَافِلٍ)) رواه أحمد وغيره.

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ". قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: "اللَّهُ أَكْثَرُ")) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ.

ولا يقول المسلم: دعوت الله فلم يستجب لي؛ لأنه على يقين أن دعوته لا مفر قد أصابت شيئًا من عدة وجوه؛ فهي إما أن تُستجاب له، فيقضي الله -عز وجل- حاجته التي يريدها، أو يرفع الله بمثل هذه الدعوة عنه بلاء كاد أن يصيبه، أو يدخرها الله -عز وجل- لعبده المؤمن في الآخرة، فيُعطى من الحسنات يوم القيامة ما يعادل استجابة هذه الدعوة له، وآنذاك يتمنى لو أن الله -عز وجل- ادخر له كل الدعوات إلى يوم القيامة.

وقد قال ابن عطاء الله السكندري -رضي الله عنه- في حِكَمه: "لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك، فهو ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك لا فيما تختار لنفسك، وفي الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد".

ولقبول الدعاء ثلاثة شروط أساسية:
الشرط الأول: دعاء الله بصدق وإخلاص، لأن الدعاء عبادة، قال الله -تعالى-: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:٦٠]، وقال -تعالى-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: ٥].

الشرط الثاني: ألا يدعو المرء بإثم أو قطيعة رحم، لما رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل)). قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: ((يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء)).

الثالث: أن يدعو بقلب حاضر، موقن بالإجابة. وعند تخلف هذه الشروط أو أحدها لا يستجيب الله الدعاء، فتوفرها شرط، وانتفاؤها مانع.

وهناك أسباب لإجابة الدعاء ينبغي للداعي مراعاتها وهي:
١: افتتاح الدعاء بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وختمه بذلك.
٢: رفع اليدين.
٣: عدم التردد، بل ينبغي للداعي أن يعزم على الله ويلح عليه.

الرابع: تحري أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وعند الإفطار من الصيام، وهناك مواطن يستجاب فيها الدعاء ومنها:

١ - أثناء السجود، فقد أخرج مسلم وأصحاب السنن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ أن يستجاب لكم)).

٢ - ساعة من يوم الجمعة، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر يوم الجمعة فقال: ((فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه)) وأشار بيده يقللها.

٣ - ثلث الليل الآخير، فقد أخرج مسلم وأصحاب السنن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله -تبارك وتعالى- إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل يُعطى، هل من داع يُستجاب له، هل من مستغفر يُغفر له، حتى ينفجر الصبح)).

وعليك بالإلحاح في الدعاء دائماً فإن الله يستجيب لك ولا تترك الدعاء إذا لم تجد أمارة لاستجابة الدعاء فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يُستجب لي)) أخرجه البخاري ومسلم.



المصدر: دار الإفتاء المصرية