سؤال فقهي؛ هل الأغاني حرام ، والموسيقى حرام أيضا؟ أرجوا بيان الحكم الشرعي مع الأدلة إذا تكرمتم.
الـجـــوابإليك حكم الغناء والموسيقي بالتفصيل: فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعِنْدِى جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِى وَقَالَ مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَالَ «
دَعْهُمَا » فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا" أخرجه البخاري في صحيحه.
وعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَائِشَةَ: «
أَهَدَيْتُمُ الْجَارِيَةَ إِلَى بَيْتِهَا؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «
فَهَلَّا بَعَثْتُمْ مَعَهُمْ مَنْ يُغَنِّيهِمْ يَقُولُ: أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ، فَحَيُّونَا نُحَيَّاكُمْ، فَإِنَّ الْأَنْصَارَ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ» أخرجه ابن ماجه في سننه، وأحمد في مسنده، واللفظ له.
وقد ذهب أغلب الفقهاء إلى جواز الغناء بغير موسيقى، أو مع مصاحبة الدف.
والموسيقى : لفظ يوناني يطلق على فنون العزف على آلات الطرب.
وعلم الموسيقى: علم يبحث فيه عن أصول النغم من حيث تأتلف أو تتنافر وأحوال الأزمنة المتخللة بينها ليعلم كيف يؤلف اللحن.
والموسيقِيُّ: المنسوب إلى الموسيقى، والموسيقار : من حرفته الموسيقى.
والموسيقى في الاصطلاح : علم يعرف منه أحوال النغم والإيقاعات وكيفية تأليف اللحون وإيجاد الآلات. [راجع: المعجم الوسيط (٢/ ٨٩١، ط/ دار الدعوة)، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار (١/ ٤٦، ط/ دار الفكر-بيروت)].
أما عن حكم الموسيقى شرعا، سواء كانت منفردة أو مصاحبة للغناء فهي مسألة خلافية، والذي عليه الفتوى إباحة الموسيقى إن لم تشتمل على ما يحرك الغرائز، أو على ما يدعو إلى محرم، وذلك لعدم ورود نص صحيح صريح في الشرع الشريف يحرمها.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": لم يصح في التحريم شيء. وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة. وقال: ابن طاهر: لم يصح منها حرف واحد. وقال ابن حزم: كل ما رُوي فيها باطل وموضوع. قال الإمام الغزالي حيث قال : إن الآلة إذا كانت من شعار أهل الشرب، أو الخنين، وهي المزامير والأوتار وطبل الكوبة، فهذه ثلاثة أنواع ممنوعة، وما عدا ذلك يبقى على أصل الإباحة كالدف وإن كان فيه الجلاجل، والطبل، والشاهين، والضرب بالقضيب، وسائر الآلات. وكذلك ما قاله الإمام ابن حزم حيث قال : ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن وفعله هذا حسن.
ومما سبق نخلص بأن
العلماء اتفقوا على تحريم كل غناء يشتمل على فحش، أو فسق، أو تحريض على معصية، إذ الغناء ليس إلا كلاما، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، وكل ما يشتمل على حرام فهو حرام. ويؤيد ذلك قول الغزالي في معرض حديثه عن شعر الخنا، والهجو، ونحو ذلك : فسماع ذلك حرام بألحان وبغير ألحان، والمستمع شريك للقائل [الإحياء ٢ /٢٨٢] واتفقوا على إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلات والإثارة، وذلك في مواطن السرور المشروعة كالعرس وقدوم الغائب وأيام الأعياد ونحوها.
واختلفوا في
الغناء المصحوب بالآلات، والمختار من الفتوى هو ما ذهب إليه الإمام الغزالي وابن حزم من إباحة الآلات لعدم ورود النص الصحيح الصريح المحرم، ولأنها لا تزيد عن كونها أصوات تطرب حسنها حسن وقبيحها قبيح.
ومما ذكر تعلم الإجابة في
حُكم الغناء وحده أو مصحوبا بالموسيقى، أو الموسيقى وحدها كذلك، والله تعالى أعلى وأعلم.
المصدر: دار الإفتاء المصرية