اذنب بعده ذنوب منذ أعوام عده تصل لـ ١٠ سنوات مضت، ومن وقتها للان انا نادم عليها، واصلى صلاة توبة كثيرًا مؤخرًا لعل الله يسامحني على ما بدر مني فى حقه وحق نفسي؛ ولكني اخاف من عقابه وفضحي اذا لم تقبل توبتي؛ واعيش بالخوف والرعب الدائم والندم. هل معنى ذلك أن الله -تعالى- لم يقبل توبتي؟ وهل احساسي الخوف الدائم الذي يصل للاهمام في حياتي والرعب من المستقل هذا صحيح؟الـجـــوابيجب عليك التوبة الصادقة من كافة الذنوب والمعاصي، وإحسان الظن بالله لقبول توبتك، ولا تيأس ولا تقنط من رحمة الله تعالى، قال الله تعالى في
القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: ٨].
والتوبة: هي الندم على المعصية، والإقلاع عنها من حيث هي معصية، لا لأن فيها ضررا لبدنه وماله، والعزم على عدم العود إليها إذا قدر.
والتوبة من المعصية واجبة شرعا على الفور، وتأخير التوبة ذنب آخر يستوجب توبة.
فشروط التوبة إذًا: الإقلاع عن المعصية حالا، والندم على فعلها في الماضي، والعزم عزما جازما أن لا يعود إلى مثلها أبداً، وإن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي، فيشترط فيها رد المظالم إلى أهلها أو تحصيل البراءة منهم.
وعلى المسلم بعد ذلك الابتعاد عن أسباب المعصية، وذلك بالتزامه بشرع الله، فإن كانت المعصية بسبب النساء الأجنبيات أو الرجال الأجانب التزم المسلم والمسلمة عدم الاختلاط المحرم، والتزمت المسلمة الحجاب الشرعي، والتزما جمعيا عدم الخلوة، وإن كانت المعصية بسبب المال التزم المسلم الأمانة وعدم الخيانة، وإن كانت بسبب اللسان التزم الصدق وقول الخير، فإن الالتزام بدين الله يقي الإنسان من المعاصي، فإن عاوده الوقوع في الذنب بعد ذلك كله صار كمن ابتدأ المعصية، ولم تبطل توبته المتقدمة، ولا يعود إليه إثم الذنب الذي ارتفع بالتوبة، وصار كأن لم يكن، فعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ)) أخرجه ابن ماجه في سننه، ويستحب للتائب الإكثار من
الاستغفار، وصلاة ركعتين توبة لله، ويستحب له ملازمة رفقة صالحة تعينه على صلاح الحال.
كما يجب على المذنب العاصي أن يستر على نفسه في معصيته ولا يفضح نفسه، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ بَعْدَ أَنْ رَجَمَ الْأَسْلَمِيَّ فَقَالَ: ((اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا، فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ وَلْيُتُبْ إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِلْنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-)) أخرجه الحاكم والبيهقي بإسناد جيد عن ابن عمر -رضى الله عنهما- مرفوعا، وأخرجه مالك فى الموطأ عن زيد بن أسلم مرسلا، وذكره الحافظ فى الفتح، ولم يضعفه، والمقصود بالقاذروات كل قَول أَو فعل يستفحش ويستقبح؛ لَكِن المُرَاد هُنَا الْفَاحِشَة يَعْنِي الزِّنَا، والله تعالى أعلى وأعلم.
المصدر: دار الإفتاء المصرية