هل يحق للزوجة إخبارها بتحركات زوجها اليومية وأماكن تواجده مثلما له الحق في معرفة تحركات زوجته اليومية مسبقا؟الـجـــوابليس من حق الزوجة على زوجها معرفة حركاته وأفعاله، ولا يستطيع أحد أن يوجب على الزوج ما لم يوجبه عليه الشرع، ولكن يستحب للزوج إعلام أهله بمكانه؛ لما فيه من إدخال السرور عليهم، ولأن
الزوج معرض لحدوث أمر في بيته بل وفي نفسه، فإذا علم أهله مكانه سهل عليهم الوصول إليه، قال العلامة ابن الملقن الشافعي في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (٢/ ٣٢٧، ط/ دار النوادر): [المرء إذا خرج لتعبده يُعلِم أهله؛ لأنه معرض هو وهم للآفات، ولأن فيه إدخال السرور عليهم]، وقال الشيخ ابن أبي جمرة الأندلسي -رحمه الله تعالى- في "بهجة النفوس" (١/ ١١، ١٢، ط/ مطبعة الصدق الخيرية-مصر): [فيه دليل على أن المرء إذا خرج لتعبده أن يعلم أهله ومن يلوذ به بموضعه؛ لأن
النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج إلى الغار، وأهله يعلمون بموضعه، وماذا يريد بخروجه، والحكمة في ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أنه معرض هو وأهله لما يطرأ من الأمراض وغيرها من الأعراض، فإذا كان للأهل علم بموضعه علموا إلى أين يذهبون إليه إذا طرأ شيء من ذلك.
الوجه الثاني: أن في إخبار الأهل بذلك إدخال سرور عليهم، وإزالة للوسواس عنهم؛ لأنهم يتوقعون مصيره إلى مواضع مختلفة ممكنة، فإعلامه لهم بذلك إزالة لما ذكرناه، وإدخال السرور عليهم؛ لكونهم يعلمون أنه منقطع للتعبد، ومشغول به، وفى إدخال السرور من الأجر والثواب ما قد علم.
الوجه الثالث: ما في ذلك من الدعوة للأهل والأخوان، وإن كان لم يطلب ذلك منهم؛ لأن الغالب من النفوس الانبعاث لما يتكرر عليها من الأمور.
الوجه الرابع: أن من عرفه منقطعًا للتعبد ومشغولا به، فإن أراد صحبته على ما هو بسبيله من غير أن يدخل عليه خللا في طريقه، ومن أراد غير ذلك لم يصحبه، فاستراح منه وزال عنه ما يلحقه من التشويش في مخالطته]، والله أعلم.
المصدر: دار الإفتاء المصرية