المحرر موضوع: ما حكم تقبيل المحارم؟  (زيارة 260 مرات)

إنسان حر

  • Hero Member
  • *****
  • مشاركة: 654
    • مشاهدة الملف الشخصي

ما حكم تقبيل المحارم؟

« في: تـمـوز 21, 2021, 10:07:26 صباحاً »
هل تقبيل الحماة لزوج ابنتها بالوجه حلال أم حرام؟ بمعنى: ما حكم تقبيل المحارم؟

الـجـــواب
زوج البنت يعد محرما لوالدتها، وتقبيل المحارم جائز بقيود أخذها الفقهاء من مجموع أدلة الباب من الكتاب والسنة منها:
  • ألا يكون ذلك بشهوة، فمتى كان بشهوة حرم قطعا النظر فضلا عن اللمس والتقبيل.
  • الأصل أنه يحرم مس ما حل نظره من المحرم كبطنها ورجلها وتقبيلها بلا حائل لغير حاجة ولا شفقة ، فلا بد أن يكون التقبيل على جهة المودة والرحمة والشفقة، وليس على جهة الملاعبة، فضلا عن التقبيل بشهوة. أو يكون على جهة الحاجة كما طالت غيبته، أو رجع من سفر ونحو ذلك.
  • أن يكون التقبيل على الوجه ويفضل على الجبهة، ولا يجوز التقبيل في الفم.
  • أن تؤمن الفتنة، فإذا خشي المقبل أن تؤثر قبلته لأحد محارمه في نفسه أو في نفسها فلا يجوز التقبيل حينئذ.
  • يدخل في المحارم كل ما حرم نكاحها بنسب أو رضاع أو مصاهرة، حتى ولو كان المحرم ليس من المسلمين، بشرط ألا يكون من قوم يستحلون نكاح المحارم.
فإذا توفرت هذه القيود فلا حرج حينئذ في تقبيل المحارم على الصفة السابقة بيانها.

وإليك بعض ما ورد في الباب من أدلة شرعية، وكلام الفقهاء ، فعن عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ ((مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَدَلاًّ وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ فِى قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَتْ وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِى مَجْلِسِهِ وَكَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِى مَجْلِسِهَا)) أخرج الترمذي في سننه.

وعن الْبَرَاء بن عازب رضي الله عنه قال : (دَخَلْتُ مَعَ أَبِى بَكْرٍ عَلَى أَهْلِهِ ، فَإِذَا عَائِشَةُ ابْنَتُهُ مُضْطَجِعَةٌ ، قَدْ أَصَابَتْهَا حُمَّى ، فَرَأَيْتُ أَبَاهَا فَقَبَّلَ خَدَّهَا ، وَقَالَ : كَيْفَ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ)) أخرجه البخاري في صحيحه.

قال الإمام الكاسانى من أئمة الحنفية في بدائع الصنائع (5/ 120 ، ط دار الكتب العلمية): [حرمة النظر إلى هذه المواضع ومسها من الأجنبيات إنما ثبت خوفا عن حصول الشهوة الداعية إلى الجماع والنظر إلى هذه الأعضاء ومسها في ذوات المحارم لا يورث الشهوة لأنهما لا يكونان للشهوة عادة بل للشفقة ولهذا جرت العادة فيما بين الناس بتقبيل أمهاتهم وبناتهم. وقد روي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قدم من الغزو قبل رأس السيدة فاطمة - رضي الله عنها -» وهذا إذا لم يكن النظر والمس عن شهوة ولا غلب على ظنه أنه لا يشتهي فأما إذا كان يشتهي أو كان غالب ظنه وأكبر رأيه أنه لو نظر أو مس اشتهى لم يجز له النظر والمس لأنه يكون سببا للوقوع في الحرام فيكون حراما].

وقال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعى فى" تحفة المحتاج في شرح المنهاج (9/ 229): [وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ طِفْلٍ رَحْمَةً وَمَوَدَّةً؛ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ وَقَدْ قَبَّلَ الْحَسَنَ» «وَقَالَ لِمَنْ قَالَ لِي عَشْرَةٌ مِنْ الْأَوْلَادِ مَا قَبَّلْتهمْ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ» وَمَحْرَمٌ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ خَدَّ عَائِشَةَ لِحُمَّى أَصَابَتْهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد]. وأكد في تحفة المحتاج على أن ذلك مقيد بكونه لحاجة أو شفقة فقال (7/ 201): [وما حل نظره من المحرم قد لا يحل مسه كبطنها ورجلها وتقبيلها بلا حائل لغير حاجة ولا شفقة].

وفى حواشى الشروانى عليه (7/ 206): [عبارة شرح الإرشاد يحرم مس ساق، أو بطن محرمه كأمه وتقبيلها وعكسه بلا حاجة ولا شفقة وإلا جاز وعليه يحمل قول شرح مسلم يجوز بالإجماع مس المحارم في الرأس وغيره مما ليس بعورة اهـ ... (قوله: سواء أمس لحاجة أم شفقة) يقتضي ذلك عدم جوازه عند عدم القصد مع انتفائهما ويحتمل جوازه حينئذ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قبل فاطمة وقبل الصديق الصديقة اهـ نهاية ... فالمعتمد ما قدمه من الحرمة عند انتفاء الحاجة والشفقة وما وقع منه - صلى الله عليه وسلم - ومن الصديق محمول على الشفقة اهـ ويظهر رجحان ما جرى عليه المغني من الجواز عبارته والذي ينبغي عدم الحرمة عند عدم القصد وقد قبل - صلى الله عليه وسلم - فاطمة وقبل الصديق الصديقة].

وقد أكد الفقهاء على أنه متى كان بشهوة حرم النظر قطعا إلا لزوجته أو أمته، وما حرم نظره حرم لمسه، قال في مغنى المحتاج (4/ 210، 215) : [أما النظر بشهوة فحرام قطعا لكل منظور إليه من محرم وغيره غير زوجته وأمته ... (ومتى حرم النظر حرم المس) لأنه أبلغ منه في اللذة وإثارة الشهوة ... فإنه يحرم مس بطن أمه وظهرها وغمز ساقها ورجلها كما في الروضة، لكنه مخالف لما في شرح مسلم للمصنف من الإجماع على جواز مس المحارم، وجمع بينهما بحمل الأول على مس الشهوة، والثاني على مس الحاجة والشفقة، وهو جمع حسن، لكن يبقى ما إذا لم تكن شهوة، ولا حاجة لا شفقة. قال السبكي: وبينهما مراتب متفاوتة، فما قرب إلى الأول ظهر تحريمه، وما قرب إلى الثاني ظهر جوازه. اهـ.

والذي ينبغي عدم الحرمة عند عدم القصد، فقد قبل - صلى الله عليه وسلم - فاطمة، وقبل الصديق الصديقة. فإن قيل: إن ذلك كان للشفقة. أجيب بأن الثابت إنما هو انتفاء الشهوة].

والمقصود بالمحرم كل ما كان بنسب أو رضاع أو مصاهرة ، ولا فرق في المحرم بين الكافر وغيره ، نعم إن كان الكافر من قوم يعتقدون حل المحارم كالمجوس امتنع نظره وخلوته ، على ما ذكره العلامة الجمل في حاشيته على شرح المنهج (4/ 122).

وفى "مواهب الجليل" من كتب المالكية (1/ 298) : [وقال ابن رشد في أول سماع أشهب: النساء على ثلاثة أقسام: قسم لا يوجد في تقبيلهن لذة وهن الصغار اللواتي لا يشتهى مثلهن فلا وضوء في تقبيلهن وإن قصد بذلك اللذة ووجدها بقبلة، إلا على مذهب من يوجب الوضوء في التذكار بالالتذاذ، وقسم لا ينبغي في تقبيلهن لذة وهن ذوات المحارم فلا وضوء في تقبيلهن إلا مع القصد إلى الالتذاذ بذلك من الفاسق الذي لا يتقي الله تعالى؛ لأن القصد في تقبيلهن الحنان والرحمة فالأمر محمول على ذلك حتى يقصد سواه، وقسم يبتغي في تقبيلهن اللذة وهن من سوى ذوات المحارم فيجب الوضوء بتقبيلهن مع وجود اللذة أو القصد إليها وإن لم توجد].

وقال الإمام ابن مفلح من أئمة الحنابلة في "الآداب الشرعية والمنح المرعية" ( 2/ 266): [فَصْلٌ فِي تَقْبِيلِ الْمَحَارِمِ مِنْ النِّسَاءِ فِي الْجَبْهَةِ وَالرَّأْسِ . وقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يُقَبِّلُ الرَّجُلُ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ؟ قَالَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ . قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا قَالَ «النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَدِمَ مِنْ الْغَزْوِ فَقَبَّلَ فَاطِمَةَ» وَلَكِنْ لَا يَفْعَلُهُ عَلَى الْفَمِ أَبَدًا، الْجَبْهَةِ أَوْ الرَّأْسِ. وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُقَبِّلُ أُخْتَهُ؟ قَالَ قَدْ قَبَّلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أُخْتَهُ].

وفى مطالب أولى النهى من كتب الحنابلة أيضا (5/ 21): [(ولا بأس بتقبيل ذوات محارمه مع أمن فتنة لقادم من سفر) نص عليه في رواية ابن منصور، وذكر حديث خالد بن الوليد أنه - صلى الله عليه وسلم - «قدم من غزو فقبل فاطمة» (لكن لا يفعله على الفم أبدا، بل الجبهة والرأس)].

المصدر: دار الإفتاء المصرية