هل يجوز أن أعمل بمهنة تصوير الحفلات والأفراح والمؤتمرات؛ بمعنى: هل مهنه التصوير حلال أم حرام؟
الـجـــواب
لا حرج في ذلك ما لم يشتمل عملك على محرم من كشف للعورات ونحوه، وإليك التفصيل:
عَنْ ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا)) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ)) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما..
يشير الحديثان السابقان إلى حرمة التصوير، والمنهي عنه في التصوير هو الصورة المجسمة، أو ذات الظل، وهي ما كانت ذات ثلاثة أبعاد، أي لها حجم، بحيث تكون أعضاؤها نافرة يمكن أن تتميز باللمس، بالإضافة إلى تميزها بالنظر، وأما الصورة غير المجسمة، أو التي ليس لها ظل، وهي المسطحة، أو ذات البعدين، والتي تتميز أعضاؤها بالنظر فقط، دون اللمس؛ لأنها ليست نافرة، كالصور التي على الورق، أو القماش، أو السطوح الملساء فلا حرج فيها؛ إن كانت لا تشتمل على عري وكشف عورات؛ فإن اشتملت على ذلك حرمت هذه الصور أيضا، قال ابن بطال -رحمه الله تعالى- في "شرحه على صحيح البخارى" (9/ 181): [قال الطبرى: إن قال قائل: أفحرام دخول البيت الذى فيه التماثيل والصور؟ قيل: لا، ولكنه مكروه أعنى ما كان من ذلك من ذوات الروح، وأما ما كان من ذلك علمًا في ثوب أو رقمًا فيه، وكان مما يوطأ ويجلس عليه فلا بأس به، وما كان مما ينصب، فإن كان من صورة ما لا روح فيه فلا بأس به كصور الشجار والزرع والنبات].
ومما يؤيد إباحة الصورة المرسومة على الأسطح الملساء، ما ورد عن أَبي طَلْحَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: ((لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ)) قَالَ بُسْرٌ: فَمَرِضَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا نَحْنُ فِي بَيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الخَوْلاَنِيِّ: أَلَمْ يُحَدِّثْنَا فِي التَّصَاوِيرِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ قَالَ: ((إِلَّا رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ))، أَلاَ سَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: بَلَى، قَدْ ذَكَرَهُ. أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وبهذا استدل العلماء على أن الصورة على الثوب أو ما شابهه من الأسطح الملساء ليست هي المرادة، وحملوا النهي على الصورة المجسمة كما مر.
وعليه فيجوز رسم الكائنات الحية وغيرها، ويحرم رسم العورات وما يثير شهوة الإنسان، وما يدعو إلى الحرام، والله تعالى أعلى وأعلم.
المصدر: دار الإفتاء المصرية