هناك مواد مستخرجة من الحشرات تستعمل في الأطعمة مثل اللانشون وغيره والحلويات وأدوات التجميل وغيرها من الصناعات. فهل استخدام وأكل الأشياء المصنعة من هذه الحشرات حرام أم حلال؟
الـجـــواب
الحكم الشرعي في هذه المسألة على أثر الاستحالة في زوال وصف النجاسة، أو في إباحة التناول. والاستحالة: هي تَحَوُّل الأعيان وانقلاب الحقائق عن طبيعتها وأوصافها؛ حيث ترتب وصف النجاسة أو الاستقذار على حقيقة بعينها، وقد زالت، فيزول الوصف بزوالها.
وهذه المواد المستخلصة من قشرة هذا النوع من الحشرات تجري عليها تفاعلات فيزيائية وكيميائية تغير من بنيتها الكيميائية تغييرًا كاملًا حينما تتحول إلى مادة مكسبة للون، مما يجعلها في نهاية المطاف طاهرة يجوز أكلها، بشرط عدم الضرر. هذا عند من يقول بتحريم تناول الحشرات؛ لاستقذارها أو نجاستها، وهم جمهور الفقهاء.
وخالف في ذلك المالكية؛ فأباحوا تناول الحشرات بشرط كونها مُذَكّاةً، وتذكيتها تحصل عندهم بكل ما تموت به.
قال الإمام ابن الحاجب المالكي في "جامع الأمهات" (ص: 224): [ويُؤكَل خشاشُ الأرض، وذكاتُه كالجراد. وفيها: وإن وقع الخشاش في قِدْرٍ أُكِلَ منها.. ودودُ الطعام لا يَحرُم أكلُه مع الطعام] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد في "البيان والتحصيل" (3/306، ط. دار الغرب الإسلامي): [اختُلف في الجراد؛ فقيل: إنه لا يُحتاج فيه إلى ذكاة ويجوز أكل ما وُجِدَ منه ميتًا، وقيل: إنه لابد فيه من الذكاة، وذكاتها: أن يفعل بها ما تموت به معجلاً باتفاقٍ؛ كقطع رؤوسها، أو نقرها بالإبر أو الشوك، أو طرحها في النار أو الماء الحار، وما أشبه ذلك، أو أن يفعل ما تموت به وإن لم يكن معجلًا على اختلافٍ؛ كقطع أرجلها وأجنحتها، وإلقائها في الماء البارد، وما أشبه ذلك؛ لأن سحنون وغيره لا يرى فيها ذكاة، وقد قيل: إنَّ أخْذَها ذكاةٌ، وتُؤْكَل إن ماتت بعد أخذها بغير شيء فُعِلَ بها، وهو قول ابن حبيب من أصحاب مالك] اهـ.
وقال العلامة سيدي أبو البركات أحمد الدردير في "الشرح الكبير" (2/115) في التمثيل لما يُباح أكلُه: [كعقرب، وخنفساء، وبنات وردان، وجندب، ونمل، ودود، وسوس، وحلم، وأضيف للأرض لأنه لا يخرج منها إلا بمخرج، ويبادر برجوعه إليها، ودخل فيه الوزغ والسحلية وشحمة الأرض؛ فإنها من المباح، وإن كانت ميتتها نجسة لا تطهر إلا بذكاتها] اهـ.
وبناءً على ذلك: فإنه يجوز وضع هذه المادة في الأطعمة، ما لم يثبت أن فيها ضررًا على صحة الإنسان.
المصدر: دار الإفتاء المصرية