تبلغ أمي من العمر ٧٦ عامًا؛ وانا مقيم معها، ومن شدة مرضها أصبح لا شيء يرضيها واحاول جاهدًا إرضائها.
منذ ٣ سنوات طلبت أن نغير المسكن الذي نقيم فيه لأنها لا تقدر على صعود الدرج، وبالفعل نقلنا لسكن جديد؛ وبعد ٥ شهور فقط طلبت العودة الي سكننا القديم لأنها غير مرتاحة بالسكن الجديد، وبالفعل إرضاءً لها رجعنا مجددا للسكن القديم؛ والآن، ومن جديد بدأت الطلب بالانتقال الي سكن آخر، وانا رافض تمامًا فكرة الانتقال مجددا لأي سكن لأني اعلم مقدما أنها لن ترتاح.
وهي الآن غاضبة مني بسبب رفضي الانتقال مرة اخرة.
هل بذلك انا عاق لها؟ وهل واجب عليّ ارضائها بالتنقل كل فتره لمسكن جديد؟ وهل من حل؟ وجزاكم الله خيرًا.
الـجـــواب
لا عقوق فيما ذكرت، وقد وضح ضابط العقوق شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي -رحمه الله تعالى- في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (٢/ ١١٥، ط/ دار الفكر): [ضَابِطِ الْعُقُوقِ الَّذِي هُوَ كَبِيرَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا إيذَاءٌ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ أَيْ عُرْفًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمُتَأَذِّي، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ فِي غَايَةِ الْحُمْقِ أَوْ سَفَاهَةِ الْعَقْلِ فَأَمَرَ أَوْ نَهَى وَلَدَهُ بِمَا لَا يُعَدُّ مُخَالَفَتُهُ فِيهِ فِي الْعُرْفِ عُقُوقًا لَا يَفْسُقُ وَلَدُهُ بِمُخَالَفَتِهِ حِينَئِذٍ لِعُذْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِمَنْ يُحِبُّهَا فَأَمَرَهُ بِطَلَاقِهَا وَلَوْ لِعَدَمِ عِفَّتِهَا فَلَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لَكِنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ طَلَاقُهَا امْتِثَالًا لِأَمْرِ وَالِدِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ الَّذِي بَعْدَهُ: ((أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ ابْنَهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَأَبَى فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ بِطَلَاقِهَا))، وَكَذَا سَائِرُ أَوَامِرِهِ الَّتِي لَا حَامِلَ عَلَيْهَا إلَّا ضَعْفَ عَقْلِهِ وَسَفَاهَةَ رَأْيِهِ، وَلَوْ عُرِضَتْ عَلَى أَرْبَابِ الْعُقُولِ لَعَدُّوهَا أُمُورًا مُتَسَاهَلًا فِيهَا، وَلَرَأَوْا أَنَّهُ لَا إيذَاءَ لِمُخَالَفَتِهَا، هَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ إلَيْهِ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ الْحَدِّ]، والله أعلم.
المصدر: دار الإفتاء المصرية