كان نفسي أصوم العشر أيام بتوع ذي الحجة والتقرب من ربنا فيهم لكن سأكون حائض خلالهم؛ هل يجوز صومهم وربنا يتقبل مني أم لا؟الـجـــوابلا يجوز لك الصوم وأنت حائض ولك الأجر والثواب على هذه النية، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- عن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله جل وعلا يقول أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله)) أخرجه ابن حبان في صحيحه.
قال الإمام العجلوني-يرحمه الله تعالى- في "كشف الخفاء " (2/ 392، المكتبة العصرية): ["نية المؤمن أبلغ من عمله"
رواه العسكري في "الأمثال" والبيهقي عن أنس مرفوعا.
قال ابن دحية: لا يصح، والبيهقي: إسناده ضعيف. وله شواهد؛ منها ما أخرجه الطبراني عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا: "نية المؤمن؛ خير من عمله وعمل المنافق خير من نيته، وكل يعمل على نيته، فإذا عمل المؤمن عملا نار في قلبه نور".
وللعسكري بسند ضعيف عن النواس بن سمعان بلفظ: "نية المؤمن؛ خير من عمله، ونية الفاجر شر من عمله"، وروى الديلمي عن أبي موسى الجملة الأولى، وزاد: "وإن الله عز وجل ليعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله؛ وذلك لأن النية لا رياء فيها".
قال في "المقاصد": وهي وإن كانت ضعيفة فبمجموعها يتقوى الحديث، وقد أفردت فيه وفي معناه جزءا. انتهى.
قال ابن الملقن في "شرح العمدة": في معناه تسع تأويلات: منها أن نيته خير من خيرات عمله.
ومنها أن
النية المجردة عن العمل؛ خير من العمل المجرد عنها، وقيل: "إنما كانت نية المؤمن خيرا من عمله؛ لأن مكانها مكان المعرفة أعني قلب المؤمن". قال سهل: "ما خلق الله مكانا أعز وأشرف عنده من قلب عبده المؤمن، وما أعطى كرامة للخلق؛ أعز عنده من معرفة الحق"، فجعل الأعز في الأعز فما نشأ من أعز الأمكنة يكون أعز مما نشأ من غيره قال سهل: "فتعس عبد أشغل المكان الذي هو أعز الأمكنة عنده تعالى بغيره، سبحانه"، وفي: "أنا عند المنكسرة قلوبهم المندرسة قبورهم، وما وسعني أرض ولا سمائي؛ ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن" إشعار بذلك؛ ولأنها تفنى بخلاف العمل، ولذا قيل: "الخلود في الجنة والنار جزاء للنية"؛ ولأنها تسلم عن الرياء بخلاف العمل]
وقال الإمام الدينوري المالكي في "المجالسة وجواهر العلم" (4/ 203، جمعية التربية الإسلامية): [ تأويل حديث النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: «نية المؤمن خير من عمله» ، ومعنى هذا الحديث حسن، وذلك أن الله عز وجل يخلد المؤمن في جنته بنيته لا بعمله، ولو جزي بعمله؛ لم يستوجب التخليد؛ لأنه عمل في سنين معدودة، والجزاء يقع بمثلها وأضعافها، وإنما يخلده الله عز وجل بنيته؛ لأنه كان ناويا أن يطيع الله عز وجل أبدا لو أبقاه أبدا، فلما اخترمه دون نيته؛ جزاه عليها التخليد أبدا، وكذلك الكافر نيته شر من عمله؛ لأنه كان ناويا أن يقيم على كفره أبدا، فلما اخترمه الله عز وجل دون نيته؛ جزاه التخليد في جهنم أبدا]، والله أعلم.
المصدر: دار الإفتاء المصرية